قال تعالي
الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ يمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍأثِيمٍ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا همْ يَحْزَنُونَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ منَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ منَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ ولَا تُظْلَمُونَ
وقال تعالي
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
وقال تعالي
وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِندَ اللَّهِ ۖ وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (39
الربَّا
الربا في اللغة
الزيادة، ومنه الرابية(ما ارتفع من الأرض) لزيادتها على ما حولها، ومنه قوله تعالى: فَإِذَا أَنْزَلْنَاعَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ.(الحج: من الآية5).
والربا في اصطلاح الفقهاء
زيادة مخصوصة لأحد المتعاقدين خالية عما يقابلها من العوض
وهو نوعان:
ربا الديون
وهو الذي نزل القرآن بتحريمه، ومعناه: الزيادة في الدين مقابل الزيادة في الأجل. وهو الذي كان شائعاً في الجاهلية، وعادت إليه البنوك في واقعنا المعاصر، وهو أشهر أنواع الربا وأشدها قبحاً.
ربا البيوع
وهو الذي يكون في بيع الأموال الربوية بعضها ببعض، والأموالالربوية التي ورد بها الحديث ستة وهي: الذهب، والفضة، والبر، والتمر، والملح، والشعير. وجمهور الفقهاء على أنه يلحق بهذه الأصناف الأموال الأخرى، والتي تتحد معها في العلة.
وربا البيوع نوعان
الأول ( ربا الفضل)
ومعناه الزيادة في أحد العوضين عن الآخر عند بيع مال ربوي بمال ربوي من جنسه، مثل: بيع الذهب بالذهب، فلا يجوز بيع الذهب بالذهب إلا متماثلاً، وأي زيادة في أحد الجانبين تجعل هذا البيع بيعاً
ربوياً.لكن لا بد من اتحاد الجنس، أي أن يكونذهباً بذهب، أو فضة بفضة، أو عملة نقدية بنفس العملة، أو البر بالبر وهكذا.
( الثاني ( ربا النسيئة
وهو تأخر قبض أحد العوضين في بيع الأموال الربوية إذا كانت متحدة في العلة، فإذا بيع مال ربوي بغير جنسه كأن يباع ذهب بفضة أو العكس، أو أن تباع عملة بعملة أخرى، فإنه يجوز فيها التفاضل أي الزيادة والنقص لاختلاف الجنس، ولكن لا يجوز تأخير قبض أحد العوضين، بل لا بد من التقابض في مجلس العقد.
عقوبات آكل الربا
وقد ذكر الله تعالى لآكل الرباخمساً من العقوبات:
الأولي
التخبط
الثانية
المحق : والمرادالهلاك والاستئصال , وقيل : ذهاب البركة والاستمتاع حتى لا ينتفع به, ولا ولده
بعده
الثالثة
الحرب
الرابعة
الكفر
أي: كفار باستحلال الربا, أثيمفاجر بأكل الربا
الخامسة
الخلود في النار
وقوله سبحانه:أضعافا مضاعفة
ليس لتقييد النهي به, بل لمراعاة ما كانوا عليهمن العادة توبيخاً لهم بذلك, إذ كان الرجل يربي إلى أجل, فإذا حل الأجل قال للمدين: زدني في المال حتى أزيدك في الأجل, فيفعل, وهكذا عند محل كل أجل, فيستغرق بالشيء الطفيف ماله بالكلية, فنهوا عن ذلك ونزلت الآية.
هذه الصورة من سوء توزيع الثروة في المجتمع
...( حيث أن الإثنين المستفيدين في المجتمع فقط هم المرابي والمستدين )
أولاً: الإقراض الرّبويّ
على الأشخاص القادرين على تقديم ضمانات تسديد القروض وفوائدها، وهو ما يؤدّي إلى تركّز ثروة البلاد في أيدي عددٍ قليل من الأشخاص
الأرض صائر إلى عددٍ قليل جداً من المرابين، ذلك لأنّ المرابي يربح دائماً في كل عمليّة، بينما المدين معرّض للرّبح والخسارة، ومن ثمّ فإنّ المال كلّه في النّهاية لابدّ بالحساب الرّياضيّ أن يصير إلى الّذي يربح دائماً
ومن مظاهر سوء توزيع الثّروة
تسخير العمل لحساب رأس المال،حيث يقوم الإنتاج على عنصرين: العمل والمال، والعمل هو الأساس الأوّل، لأنّه هو الّذي يوجد المال في الأصل، وموجب ذلك أن يتحمّل كل من العنصرين نصيبه من الرّبح والخسارة، فإذا أشركنا صاحب المال في الربح، وجب أن يشترك في الخسارة النّازلة، غير أن الفائدة تهدم هذا البنيان الطّبيعيّ، وتسخّر العمل لحساب رأس المال، لأن المنتج وهو المدين دائماً، يضمن للمرابي رأس ماله، ونصيبه من الربح، دون أن يشارك هذا الأخير في الخسارة النّازلة.
وبناءً على ما سبق فإنّ الّذين يتركّز عندهم المال
فئتان
الفئة الأولى
المرابون الّذين يقرضون المال ويربحون دائماً
الفئة الثانية
الأشخاص الأغنياءالمقترضون القادرون على تقديم ضمانات تسديد قروضهم.
وهذا يؤدي إلى
تداول المال بين المرابين والأغنياء القادرين على تقديم ضمانات مما يجعل المال متداولاً بين هؤلاء
وهو مخالف لمنهج الإسلام
ما هو البديل الإسلامي لتوزيع الثروة ؟
إن منهج الإسلام يقوم على توزيع المال بين الناس، وتداوله وحركته بينهم ولذلك جعل علّة توزيع الفيء (ما أخذ من أموال الكفار . بغير حرب) كأحد مصادر المال في الإسلام – على المستحقّين و منع تركيز المال فيأيدي الأغنياء فقط، بل يتداول بين الناس
لقوله تعالى
(( ما أفاء الله على رسوله من أهلالقرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دولةً بين الأغنياء منكم وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتّقوا الله إنّ الله شديد العقاب))[19]
إن ربّ المال – في نظام المشاركة الإسلامي
– لا يطلب ضمانات، لأنّه هو الضّامن للمال، بحيث يتحمّل خسرانه إذا وقع مقابل تحمّل العامل ضياع عمله وهذه المقارنة منطقيّة تقبلهاالعقول السليمة، فلو قسمنا الناس إلى فئتين: فئة تقرض بفائدة وفئة تقترض بفائدة ،
أمّا التي تقرض فتربح دائماً، وأمّا الّتي تقترض فهي معرّضة للربح والخسارة، فإذا تم تداول كمية من المال بين هاتين الفئتين، فإن هذه الكمية صائرة إلى الذين يربحون دائماً، لأنهم يسترجعون رأس المال مضافاً إليه الفائدة، أما الفئة الأخرى فهي معرّضة للخسارة وأغلب الظّنّ أنّها ستحصل ولو لمرّة واحدة، فيتمّ تسخير جهدهم .وعملهم لخدمة رأس مال الفئة الأولى
ثانياً: هدر الموارد الاقتصادية
ينتج هذا عند الإقراض بفائدة الأموال لا يتم توجيهها إلى أنشطة ومشاريع ذات جدوى ومنفعة حقيقية لحياة الناس فيتمّ توجيه الاقتصاد وجهةً منحرفة من مشروعات صناعيّة وتجاريّة إلى نوادٍ للقمار والعهر والفساد بما يعود بالضّرر على المجتمع، وكذلك تشجيع الناس على المغامرة والإسراف، بتسهيل وضع المال في أيدي المغامرين والجهلة والمسرفين فيؤدي هذا إلى هدرالموارد الاقتصادية.
هذه الطريقة تنافي الشريعة الإسلامية
التي ينبغي أن توظّف الأموال في مشاريع ذات منفعة حقيقيّة لحياة الناس وللدورة الاقتصادية في البلاد. فالأموال في النظام الإسلامي لا تمنح كقرض لا يُعلم إلى أين يتّجه ؟ إلى سلع استهلاكيّة أو متع ترفيهيّة أو أدوات كماليّة
علي سبيل المثال ( أموال البنوك)
إن أموال البنوك الإسلامية مثلاً إذا شاركتفي عملية استيراد فهي أموال حقيقةٌ وليس ائتماناً مخلوقاً ولا إضافة لكمّيّة النقود المتداولة… وهي تنْزل إلى السوق سلعاً مطلوبة، فإذا بيعت استردّ البنك الإسلامي أموالاً
أكثر مما دفع.
ودليل ذلك
ما نشاهده اليوم عند كثير من الناس الذين يقترضون بالفائدة من أجل أدوات منزلية كمالية كالثلاجات والغسالات والتلفزيونات والفضائيات، أو سلع استهلاكية كالطعام والشراب ونحوه وخلويات وسيارات وحواسيب للترف والترفيه، وهكذا في كثير من السلع، إن التمويل الربوي يؤدي إلى سهولة المداينات دون أي ارتباط بالنشاط الاقتصادي الفعلي، وهذا بدوره يؤدي إلى نتيجتين هما:
1 - تفاقم الإنفاق الاستهلاكي
لأن نسبة كبيرة من القروض الفردية ستوجّه إلى الحاجات الآنية على حسابالاحتياجات المستقبلية، وهذا يعني اختلال أنماط الإنفاق في المجتمع، مما يجعل الأفراد أكثر اعتماداً على الديون لتسيير حياتهم اليومية، وكلما كانت آليات الإقراض النقدي أكثر تيسيراً كلما ازداد اعتماد الأفراد عليها، ويصبح الأمر مثل كرة الثلج لا تزداد مع التدحرج إلا ضخامة.
ومثل ذلك
فيما إذا اشترى شخص ثلاجة لأجل بمئة وخمسين ديناراً، فمنفعة الثلاجة يقابلها الزيادة في الثمن للأجل، وهذا نشاطٌ اقتصادي فعلي وهو البيع لأجل أما إذا اقترض شخصٌ مئة دينار على أن يردها مئة وخمسين ديناراً، فمنفعة المئة دينار يقابلها الزيادة على النقد بسبب الأجل، وهذه المنفعة قد لا يقابلها ما ينتفع به المدين، فقد يسدد ديناً، أو ينفق على أهله، أو يتوسّع في الاستهلاك كشراء المأكولات والمشروبات ونحوها وهذا هو القرض لأجل. ودليل ذلك أن التداول النافع للسلع من المصالح الكليّة، وهو الذي يجعلالسلعة متاحة لأكثر الناس انتفاعاً بها، ويؤدي إلى تحريك السوق
وبالنظر في المثال السابق يمكننا التفريق بين الربح والربا بما يلي:
1- الزيادة في البيع والتجارةهي مقابل إيجاد السلعة، أما الزيادة في الربا فهي أجرة على مجرد التأجيل.
2- الزيادة في البيع والتجارةهي زيادة في معاوضة صحيحة بين شيئين مختلفي الأغراض والمنافع، فتكون الزيادة في مقابل منفعة مقصودة ومطلوبة في البدل المقابل. أما الدين فلا معاوضة فيه على الحقيقة، لأن
بدليه من جنس واحد، ولأنه واجب الرد بمثله من جنسه بلا زيادة ولا نقصان، فكانت الزيادة فيه بغير عوض يقابلها.
3- إن الشيء المبيع يؤخذ ربحه مرة واحدة، ومع ذلك فالغالب أن يستمر نفعه مدداً تطول أو تقصر، على العكس من الربا فالدين يستهلك مرة واحدة في حين يستمر الربا في سلسلة لا تنقطع
4- البيع والتجارة تتضمن مخاطرة من وجهين:
أولهما: مخاطرة انخفاض السعر، أو كساد السلعة وبوارها حينما يريد بيعها.
2 - مخاطرة الهلاك والتلف، فترة بقائها في حوزته.
ورأس مال الربا لا مخاطرة فيه، بل هو دين مضمون في الذمة، واجب الرد بمثله، فلا يتعرض لأية مخاطرة.
فالإسلام يُعطي لكل نوعٍ من أنواع رأس المال لوناً مناسباً من المكافأة ( الربح ): يعطي رأس المال البشري ( العمل ) أجراً ثابتاً أو مشاركة ( شركة أعمال مثلاً ويعطي رأس المال المثلي ( الإقراضي ) ربحاً بالمشاركة دون الأجر الثابت، ويعطي رأس المال القيمي ( الإيجاري ) أجراً دون مشاركة، مثل أجر أدوات الإنتاج كالمحراث والآلات الزراعية ونحوها. كل ذلك بما يحفظ العدالة ويدفع إلى الإحسان.
ثانيهما: مخاطرة الهلاك والتلف، فترة بقائها في حوزته
ورأس مال الربا لا مخاطرة فيه، بل هو دين مضمون في الذمة، واجب الرد بمثله،فلا يتعرض لأية مخاطرة.
فالإسلام يُعطي لكل نوعٍ من أنواع رأس المال لوناً مناسباً من المكافأة( الربح ): يعطي رأس المال البشري ( العمل ) أجراً ثابتاً أو مشاركة ( شركة أعمال مثلاً
)، ويعطي رأس المال المثلي ( الإقراضي ) ربحاً بالمشاركة دون الأجر الثابت، ويعطي رأس
المال القيمي ( الإيجاري ) أجراً دون مشاركة، مثل أجر أدوات الإنتاج كالمحراث والآلات
الزراعية ونحوها. كل ذلك بما يحفظ العدالة ويدفع إلى الإحسان.
ثالثاً: ضعف التنمية الاقتصادية والاستثمار
من مقاصد النظم المالية الإسلامية والمؤسسات المصرفية الإسلامية المساهمة في التنمية وتحقيقها، وتمويل المشروعات الإنتاجية بنظام المشاركة وفقاً لقاعدة الغنم بالغرم. فالصيغ الإسلامية – كالمضاربة الإسلامية، والمشاركات، والاستصناع والسلم، والمرابحات وغيرها – تتميّز بأنها تتفاعل مع السّلع لتولّد مجموعة من الأنشطة الاقتصادية التي توظّف أكبر عدد من عوامل الإنتاج ومنها عنصر العمل، وتساعد في علاج
مشكلة البطالة والفقر وتحقيق الأمن الاقتصادي.
ويرى علماء الاقتصاد أن
النقودلا تلد نقوداً، بل لابد من تدويرها من حلبة النشاط الاقتصادي، ثم تنقلب إلى سلع وخدمات،
وتتفاعل مع عوامل أخرى لتحقيق النمو والتطور.
إن الفائدة المباحة ( المشاركة مثلاً )
مشجّعةعلى الاستثمار أكثر من الفائدة المحرّمة الرّبا، لأنّ الاستثمار لا يعود خاضعاً إلى
ضغوط آثار المقارنة بين معدّل الفائدة ومعدّل مردود الاستثمار. وفي ظلّ نظام المشاركة
وعدم تحديد الفائدة مسبقاً، فإن العلاقة بين رجل الأعمال وأصحاب المال هي علاقة شكر
وتضامن وتعاون بالنسبة للنتائج، لا علاقة أنانية واستئثار وصراع كما في نظام الفائدة
الثابتة التي يزداد معدّلها كلّما زاد الطلب على المال، واحتاج رجل الأعمال إلى القيام
باستثمارات.
أما الإقراض بنظام الفائدة
فإنه يؤدي إلى تضييق دائرة التمويل، لأنه يعتمد على ضمانات لا يقدر عليها إلا الأغنياء. ورب المال
في نظام الفائدة أقل اهتماماً بنجاح المشروع، ولا تهمّه الأمانة والخبرة والمقدرة في
العمل، لأن أكثر ما يهمّه لأن يكون المقترض غنيّاً ومليئاً، وأن تكون فائدته ثابتة،
ورأس ماله مضموناً.
وبناءً عليه
فكلّماتوسّع الناس في الضمانات فإنه يؤدي إلى تخفيض التمويل، وهذا يعني تقليل الاستثمار،
والذي يأخذ فائدة مضمونة لا يهتم بنجاح المشاريع الاقتصادية، وهذا بدوره يؤدي إلى ضعف
التنمية الاقتصادية وإن تقلّص دور الضمانات في نظام المشاركة مثلاً يساعد على توسيع دائرة التمويل بحيث تشمل الفئات الأقل من العمال المهرة وتوسيع دائرة التمويل يؤدّي إلى زيادة الاستثماروتشجيعه، بحيث يشمل العمال المهرة كالحدادين والنجارين وأصحاب المعامل الصغيرة على اختلاف حِرفهم من الإقراض بنظام الفائدة يقوم على تحديد سعر الفائدة مسبقاً، وهذا يؤدي إلى حجب بعض المشروعات التي يقل مردودها عن الفائدة الواجب دفعها أو يساويها، أو لا يزيد عنها إلا قليلاً.
فتحديد سعر الفائدة مقدّماً
قبل أن يعلم أحدٌ قيمتها الحقيقية بالضبط – ظلم للمقترض أو المقرض، فإذا ازدادت نسبة صافي الربح الفعلي عن سعر الفائدة وقع على المقرض ظلم بحرمانه من هذه الزيادة، وإذا قلّت نسبة صافي الربح الفعلي عن سعر الفائدة وقع على المقترض ظلم بإلزامه بسداد الفائدة بالكامل رغم زيادتها على الربح المحقق فعلاً وهذا بيان للظلم الذي يقع على المقرض أو المقترض بسبب الإقراض بفائدة
هذا بالنسبة إلى تحديد سعر الفائدة مسبقاً، أماارتفاع سعر الفائدة فإنه يؤدي إلى إعاقة التنمية الاقتصادية، لأن رجل الأعمال عندما يفكّر في توسيع مصنعه أو إنشاء مصنع جديد يرى أن سعر الفائدة سيلتهم ثمرة عمله فيحجم عن هذه المخاطرة، بل قد يؤثر الكثيرون السلامة والكسل فيودعون أموالهم في البنوك أو شهادات الادخار قانعين بما تدرّه عليهم من فوائدمعرضين عن الخوض في مجال التنمية وإيجاد الرزق الحلال والعمل الطيب للناس.
ويؤكّد هذه المعاني الاقتصادي المشهور كينز (John Maynard Keynes) فيقول: إن معدل سعر الفائدة يعوق النمو الاقتصادي لأنه يعطل حركة الأموال نحو الاستثمار في حرية وانطلاق، فإن أمكن إزالة هذا العائق فإن رأس المال سيتحرّك وينمو بسرعة برهان ذلك أنه من المقرر محاسبيّاً احتساب الفائدة ضمن تكاليف الإنتاج، فتعتبر كأي نفقة من نفقات الإنتاج، مثل الإيجار والنور والمياه.
وبناء على هذا
تزيد النفقات كلما زادت الفائدة،وتقل كلما قلت، وبالتالي فإن الأرباح تقل كلما زادت الفائدة وتزيد كلما قلت الفائدة، فارتفاع سعر الفائدة يؤدي إلى انخفاض صافي الربح، وهذا بدوره يؤدي إلى انكماش حجم الاستثمار،
وإلى توقّف التكوين الرّأسمالي، وإلى هبوط الدخل القومي، وانخفاض القوة الشرائية، والعكس
صحيح، ومن هنا يتّضح أن من مصلحة الاقتصاد القومي القضاء نهائياً على الفائدة.
ومما يعيق التنمية الاقتصادية ويضعف الاستثمار
ماتفرضه السياسة النقدية للبنوك المركزية على البنوك الأخرى الخاضعة لها ضرورة الاحتفاظ بنسبة معينة من إجمالي الودائع الخاصة بكل بنك في حساب خاص به لدى البنك المركزي فيما بعرف بالاحتياطي القانوني بهدف حماية أموال المودعين من ناحية، وتحجيم دور البنوك في زيادة العرض النقدي، هذه السياسة النقدية – التي تلائم المصارف التي تعتمد على نظام الفائدة – تؤدي إلى تعطيل جزء من الأموال التي قدمها أصحابها لتلك المؤسسات بغرض استثمارها.
وهذه السياسة النقدية غير ملائمة للطريقة الإسلامية
فمثلاً نظام المضاربة لا يترتب عليه رد الأموال في أي وقت لارتباطها بمشروعات استثمارية
موظّفة بها من ناحية، وارتباطها بمبدأ المشاركة في الربح والخسارة من ناحية أخرى. وقد
أدّت هذه السياسة إلى تعطيل جزءٍ من أموال البنوك الإسلامية مما يؤثر سلباً على ربحية
هذه الاستثمارات.
ويتلخّص لدينا مما سبق أن نظام الفائدة يعيق التنميةالاقتصادية للأسباب التالية:
1- التوسّعف ي الضمانات للقرض الربويّ توسّعاً لا يقدر عليه إلّا الأغنياء، وهذا يمنع عاملين مهرة
في الاستثمار لعدم وجود ضمانات كافية.
2- اهتمام المقرضين باسترجاع رأس مالهم مضافاً إليه الفائدة أكثر من اهتمامهم بنجاح المشروع.
3- زيادةتكاليف الإنتاج مما يؤدي إلى انخفاض صافي الربح، وهذا بدوره لا يشجع على الاستثمار.
4- الاحتفاظبالاحتياطي القانوني لكل بنك في البنوك المركزية يعطّل جزءاً من المال عن الاستثمار
والإنتاج والمشاركة في التنمية
التضخم
وتأييداً لهذا يرى عالما الاق تصاد السويديفيكسل والإنجليزي كينزان التضخم يحدث عندما تزداد كمية النقود، حيث يزيد الطلب الكلي على السلع والخدمات أكثر من العرض الكلي لهذه السلع والخدمات.النقود وتأييداً لهذا يرى عالما الاقتصاد السويديفيكسل والإنجليزي كينزان التضخم يحدث عندما تزداد كمية النقود، حيث يزيد الطلب الكلي على السلع والخدمات أكثر من العرض الكلي لهذه السلع والخدمات ويفسّر فيكسل ظاهرة ارتفاع الأسعار بالمقارنةما بين سعر الفائدة النقدي الذي تمارسه البنوك عند الإقراض أي نفقة الاقتراض من البنوك
مثلاً والعائد الذي يمكن أن يحققه رأس المال المستثمر ( أي سعر الفائدة الحقيقي ).
وتوضيح ذلك:
لنفرض أن سعر الفائدة = ر، فإن المديونية=ك ( 1+ر ) في نهاية الفترة، ولنفرض أن العائد = ز، فتصبح قيمة الناتج – ك ( 1+ز )،
ك = كمية النقود، والتوازن النقدي يحصل عندما تكون ز=ر، ويتحقق ثبات الأسعار، ولو قامت
البنوك التجارية بتخفيض سعر الفائدة النقدية بالمقارنة بسعر الفائدة الحقيقية، فإنه
يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، لأنه يؤدي إلى زيادة الاستثمار ومن ثم زيادة الطلب على عناصر
الإنتاج، وارتفاع أسعارها، فتزداد نفقات الإنتاج وتزداد الأسعار، ويؤدي أيضاً إلى زيادة
الإنفاق الاستهلاكي مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، ولو قامت البنوك برفع سعر الفائدة
فإنه يؤدي إلى ارتفاع في كلفة رؤوس الأموال مما يؤدي إلى رفع الأسعار.
ودليل آخر
على أثر الفائدة في التضخم أنصاحب المال لا يرضى إذا استثمر ماله في صناعة أو زراعة أو شراء سلعة أن يبيع سلعته أو الشيء الذي أنتجه إلا بربح أكثر من نسبة الربا، لأنه يفكر أنه استثمر المال وبذل الجهد واستعدّ لتحمّل الخسارة، فلابد أن تكون نسبة الربح أكثر من نسبة الربا، وكلما ازدادت نسبة الربا غلت الأسعار أكثر منها بكثير، هذا إذا كانت المنتج أو التاجر صاحب مال، وأما إذا كان ممن يقترض بالربا فرفعه للأسعار أمرٌ بدهيّ، حيث سيضيف إلى نفقاته ما يدفعه من الربا.
ويمكن تعليل ما سبق، وتحليله تحليلاً اقتصادياًيبيّن أثر سعر الفائدة في التّضخّم بما يلي:
من عيوب النظام النقدي المعاصر
وجود خلل بين كميّة النقود وكمّية السلعوالخدمات، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وهذا بدوره يؤدي إلى ارتفاع سعر الفائدة كمحاولة من الحكومة لامتصاص النقود من السوق، مما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف السلع والخدمات ثم ارتفاع الأسعار مرةً أخرى، وهكذا تدور الدورة من جديد وتسبب مضاعفاتها.
ويمكن توضيح ذلك في الشكل التالي
الخلاصة
إن الربا ثروة من الفقراء إلى الأغنياء
تصور إنساناً لا يعمل، يستيقظالساعة الثانية عشرة ظهراً، لأن أمواله مستثمرة في مشروع ربوي وربحه ثابت لا يهمه نزول مطر أو لا، ولا يهمه كساد ولا يهمه رواج، لا يهمه تقدم الأمة، فربحه ثابت، لذلك فإن أقسى قلب هو قلب المرابي أو الذي يستثمر ماله عن طريق الربا لأنه انتهازي لا يهمه شيء سوى نفسه وما شرعت الزكاة والصدقة وتحريم الربا إلا ليعم المال جميع الناس بالعدل والقسط, إنه مع ضيق المكاسب وقلة الأعمال ارتفعت نسبة الإجرام إلى عشرة أضعاف تقريباً، والعالم الغربي يعاني أخطر ما يعاني من البطالة، بسبب استثمار الأموال عن طريق الربا, فالمرابي كأنه مصاص الدماء يأخذ دماء الناس وتعبهم وعرقهم وكل جهدهم ولا يكفي ذلك كله لسداد ما عليهم.
الروابط
https://quran-m.com/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%91%D8%A8%D8%A7-
https://quran-m.com/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B9%D8%AC%D8%A7%D8%B2-%D9%81%D9%8A-%D8%AA%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A8%D8%A7/
%D9%88%D8%A2%D8%AB%D8%A7%D8%B1%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D9%91%D8%A9/
https://search.mandumah.com/Download?file=Iu+hZw8nzfgVz42ReADcMTzEByldIqZnm18MlNHJ8XE=&id=465792&show=1
https://islamonline.net/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A3%D8%B5%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A8%D8%A7%D8%9F/
https://www.alukah.net/sharia/0/101290/%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%85%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%B1%D8%A8%D9%88%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D8%B9%D8%A7%D8%B5%D8%B1%D8%A9/
https://arabic.cnn.com/business/2014/07/19/islamic-finance-reba-story
https://www.alukah.net/sharia/0/101290/%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%85%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%B1%D8%A8%D9%88%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D8%B9%D8%A7%D8%B5%D8%B1%D8%A9/
https://khutabaa.com/ar/article/%D9%85%D9%86-%D8%B5%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A8%D8%A7
https://www.islamweb.net/ar/fatwa/165161/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A8%D8%A7-%D9%85%D8%B9%D9%86%D8%A7%D9%87-%D8%A3%D9%86%D9%88%D8%A7%D8%B9%D9%87-%D9%88%D8%AD%D9%83%D9%85-%D9%83%D9%84-%D9%86%D9%88%D8%B9